يمر المشهد الإعلامي والصحفي بحالة ارتباك شديدة، ولا يدري اي من الكتاب أو الصحفيين اي جملة يسطرها سوف تكون سبباً في استدعائه إلى مقار أجهزة الأمن والتحقيق، لا يسلم من ذلك المعارض ولا حتى المؤيد الذي يظن انه في مأمن من تطاله يد المحقق أو الضابط، حتى أن رئيس المجلس الأعلى لتنظيم الاعلام وشيخ الصحفيين تتم جرجرته للتحقيق ليس لأنه -لاسمح الله- كتب او قال ما يناهض به السلطة أو ينتقد أحد مسالكها، ولكن لأنه قام باصدرار قرار حظر في ماتتناوله الاقلام حول مستشفى ٥٧٣٥٧.
اما هذه الكلمات التالية، ليست ردا على المقال"الشاذ" الذي اقتطع صاحبه فقرات من سياقها ليكيل إتهامات باطلة، لكاتب لا يشق له غبار ولا يستطيع أحد الطعن في وطنيته ولا قناعاته التي ظل مخلصا لها ومدافعا عنها فهو الذي اختار هذا الطريق، وقبل أن يكون جرس انذار ينطلق في مواجهة اعوجاج يراه وطريق يرى أنه يأخذ البلاد إلى مسالك تشكك في مسارها واهدافها، كما أنها ليست دفاعا عن شخص بقامة عبدالله السناوي وسيرته وتاريخه
لا احد يختلف على ان التباين في المواقف ووجهات النظر دليل صحة وتعافي شريطة أن تتم بعقل وقلب مفتوحين، وعلى أرضية المصلحة الوطنية العامة، فالسناوي ليس فوق النقد ولا كتاباته لا تحتمل الأخذ والرد والتفنيد، لكن الاختلاف شيء والتطاول وانتزاع العبارات من سياقها والتفتيش في النوايا ورمي الاتهامات بالباطل على طريقة الردح و"خذوهم بالصوت ليغلبوكم" شيئا اخر .
عندما كان عبد الله السناوي، يترجل بين مقر صحيفة العربي الناصري و مقهي صغير عند تقاطع شارع يعقوب مع شارع خيرت بمنطقة السيدة زينب قبل عشر سنوات، كان يمكن لهذا الذي يتهمه بأنه يتماهى مع الإخوان!! وأنه يكتب بلسان من لا يعرفهم وأنه يعادي ثورة يونيو، أن تكتب معلقه من معلقات شعراء زمانهم في كيف ترتج اسقف السماء جراء تواضع هذا الكاتب الكبير !!
تغير الزمن ودار دورته ولم تتغير قناعات السناوي ولا تطوع لأن يكون قبقابا في نعل احد مهما علا شأنه، ولا بوقا له، ولا منظرا لفلسفاته، ولا درويشا في مشيخته، ولا مجرد خفير في دركه، ولا أن يكون خادما في حوش القائد "اي قائد" مقإبل ان يستظل بظله ويحظى برعايته، وليس في مقدوره أو استطاعته مغادرة تلك الحياة والتمرد عليها، لكن السناوى اختار أن يظل جنديا متطوعا في كتائب هذا الوطن، يدافع عن احلام وطموحات ناسه بغض النظر عن مشاربهم السياسية أو لون بشرتهم، بدليل أنه كان يفرد لهذا الذي يتطاول عليه مساحة من صفحات "العربي" وقت أن كانت مليء السمع والبصر، وعندما كان يقف ذلك الشخص على باب "الخلق" باحثا عن ثقب شهرة ، فبعض البشر لا يعرفون مطلقا بابا لله.
تختار القوى الحاكمة أحد طريقين لتثبيت قواعدها وبلوغ اهدافها فهي إما تنتقي من يدافعون عنها حتى ولو بالاختلاف طالما هم يسيرون في محاذاتها، لكن تتباين رؤاهم مع رؤى هذه السلطة حينا وتتفق أحيانا، أو أن نختار من يدافعون عنها كالدببة أحيانا يصيبون وأحيانا أخرى يصيبون بغبائهم أو بطموحهم الشخصي وجه هذه السلطة، ومثل هؤلاء لا تحكمهم مبادئ ولا لديهم مثل ولا يحتكمون الى ضمير.
والذي ينظر للمشهد العام الجاري في مصر يدرك ان أولي الأمر قرروا التركيز على الخيار الثاني ولا يحتاج ذلك إلى براهين، فأي عين منصفة وأي استقصاء محايد سوف يكتشف أن قطاعات كبيرة من الجماهير المؤيدة للنظام تبدي تبرمها وتقززها ممن يتصدرون المشهد العام وخاصة المشهد الإعلامي.
قال لي صديقي أن الهجوم على السناوي لم يأت تطوعا بل إن هناك من يرغب في أن يهيل التراب على فصائل اليسار والناصريين، مستشهدا بما كان يلوكه توفيق في الحلقة التي أذيعت على إحدى المحطات الخاصة، قبل أن يدخل قفص حياة الدرديري، قلت له لكنني اشم رائحة الحقد في سطور هذا الكاتب تجاه كل من يتجاوزونه قيمة وقامة!
حزن الختام:-
وأما الذي يفقد عقله -ان حدث- فلا حيلة له في ذلك ولفقدان العقل أسباب كثيرة ربما مرض وربما تقدم العمر وربما حادث، اما فقدان الشرف فهو غالبا يأتي طواعية وبإرادة حرة.
---------
بقلم: على ابراهيم